السؤال:
أنا شاب عمري 22، أنا في الجامعه السنه الرابعه قسم الهندسة المدنية، مشكلتي أنني أكره تخصصي كرها شديدا وأكره العمل به وأكره الحديث عنه وأكره أى شيء يتعلق به وكرهت أبي بسببه، لانه هو من اجبرني على دخوله ولا يريد مني تغيره وهددني بمنعي من التعليم إذا فشلت أو حولت التخصص، أنا في جامعه خاصه و أدرس على حساب أبي ولكني أكره تخصصي وأنا فاشل به، فاشل جدا به وأكرهه ماذا افعل باقي لي ثلاث سنوات تأخرت سنتين بسبب الرسوب الرسوب بسبب كرهي له ولم أجد علاج لا للتخصص ولا للرسوب ولا للمشاعر.
الإجابة:
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله وأله وصحبه ومن والاه
أخي الحبيب : أهلا ومرحباً بك في موقعك مستشارك الخاص، كما أشكر لك ثقتك فيما نقدم من النصح والتوجيه، كما أدعو الله أن يشرح صدرك ويهديك إلي ما تحب في الدراسة والعمل والحياة.
أخي الحبيب : تأتينا الكثير من الإستشارات التي تشكو أصحابها من الطلاب من صعوبة تخصصهم الجامعي والذي أحياناً يكونون هم من قاموا بإختياره ولم يلزمهم أو يكلفهم به أحد والنصيحة المتكررة التي تعلمناها من علماء تطوير الذات والتي لا نتركها في نصيحتنا لمن يسأل ” أحب ما تعمل حتي تعمل ما تحب “.
أخي الحبيب : دعنا نكون واضحين ولا بديل عن الصراحة للوصول لعلاج أي مشكلة، هل أكبر مشكلة تواجهك حقاً هي التخصص وعدم قبولك له، قد تكون هناك مشكلات أخري غير تلك المشكلة أكبر وأهم، أحيانا يبحث المرء عن حجة للضعف الدراسي وتحقيق درجات متدنية أو يكون غير قادر علي ضبط وقته بين ما يحب وما يجب أن يعمل فيكون التعلل بكره التخصص وعدم قبوله.
أخي الحبيب : هل المشكلة الحقيقية هي علاقتك بوالدك الذي يفرض عليك من الأمور ما لا تحب ولذا تجد نفوراً في قبول الدراسة أو الإستمرار فيها ؟؟ يبدو من حديثك أن هذا الأمر هو لب المشكلة فمن ناحية أنت محتاج لوالدك للنفقة علي دراستك ومن ناحية أنت لا ترغب في القبول بما فرض عليك عند إختيار التخصص الجامعي.
أخي الحبيب : ذكرت في أخر حديثك – لم أجد علاج لا للتخصص ولا للرسوب ولا للمشاعر – وهذه الأمور الثالثة تكاد تكون امراً واحداً إذ أن التخصص والرسوب هما نتاج للأمر الأهم وهو المشاعر السلبية التي تمتلاء بها تجاه الدراسة المفروضة عليك، وأنت أخي الحبيب عند علاج تلك المشكلة ستحل كل التبعات المترتبة عليها.
أخي الحبيب : سيكون من التعجل والإنفعال الزائد النصح بترك الدراسة بعد كل تلك السنوات الدراسية التي قضيتها ولكن القاعدة أن تنتهي بإيجابية من تلك التجربة وبمجرد إنهاءها فسيكون لك حرية الإختيار لما تمارس من أعمال بعد الدراسة.
أخي الحبيب : هناك قاعدة تقول إن التعديل في المشاعر والقناعات يتبعه تغير في الخيارات والأفعال، ومن هذا أن تعدل من نظرتك لدراستك وأنها من فضل الله عليك والنفقة التي تحصل عليها وغيرك لا يجدها، ولربما أجدك وبعد تعديل تلك القناعات قد تحسنت أدائتك في دراستك وتعدلت درجاتك وارتفع مستواك الدراسي.
ولعلاج تلك المشكلة سأرشدك إلي بعض الخطوات العملية
- استعن بالله تبارك وتعالي واجعل لك ورد من الدعاء أن يهديك الله لما يريح بالك ويصلح شأنك.
- إعلم أنك علي خير كبير وغيرك أخي لا يجد جامعة يدرس فيها ولا يجد من ينفق عليه، والمراد أن تكثر من شكر النعمة والثناء علي الله تبارك وتعالي بما هو أهل له.
- تخلص من العبأ النفسي بسبب الإخفاقات الماضية واعتبرها تجارب تتعلم منها وهكذا يتعامل الناحجون مع ما يمر بهم من إخفاقات وصعاب.
- يقولون قد لا يستطيع الوالدان أداء كل ما يحتاجه الأبناء لكنهم يقدمون كل ما يملكون وأجدني ناصحك بتحسين رؤيتك حول رغبة والدك من ذلك الإختيار والتعامل معه بحسن ظن ومحاولة تفهم دوافعه ومن ثم الرضي عنه وليس السخط ولا الإكثار من اللوم، والله تعالي يقول : ” وعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً “.
- فكر بإيجابية : أول خطوة للنجاح في تخطي أي مشكلة هو التفكير فيها بصورة إيجابية والبحث عن الفوائد والخير من وراءها، ومهما كانت رؤيتك عن ما أنت عليه سالبة ففيها كثير من الإيجابيات إذا أعدت التفكير باحثاً عن الإيجابيات.
- تغيير التخصص : من الممكن أن تغير التخصص داخل مجال الهندسة علي أن يكون أكثر قبولاً لديك، لما لا تحاول تغيير التخصص داخل نفس البيئة التي يميل إليها أهلك وما أعلمه أن الالتحاق بدراسة الهندسة يحوي عددا من التخصصات ربما كان ما تشعر به من ضيق بسبب تخصص معين لا تهواه نفسك والحل حينها أن تغير التخصص.
- أعد تقوية علاقتك بوالدك وذلك عبر التواصل الهادئ معه والسعي للحديث معه بعيداً عن الخلاف حول التخصص أو غيرها من مواطن وأسباب الخلاف، والنبي الكريم يقول للصحابي ” أنت ومالك لأبيك “ ويقول الحكماء ” ما من أحد يتمني أن يكون غيره أفضل منه إلا الوالد مع ولده “.
أخي الحبيب : لا أنسي في نهاية حديثي إليك أن أذكرك بأن إمتلاك الطاقة النفسية الكبيرة لتجاوز المشكلات والطمأنينة القلبية الدائمة لتحقيق الأمنيات هما وجهين لعملة واحدة هي الإرتباط الوثيق بالله تبارك وتعالي والمرء أحوج ما يكون إلي الله لعلاج ما ينزل به من ضيق أو شدة ففي القرآن نقرء ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاة طَيِّبَة ) وفي الحديث الشريف ” أرحنا بها يا بلال “ وهكذا سائر صالح الأعمال التي تزيد النفس طاقة والقلب طمأنينة.
ختاماً : أدعو الله أن يبارك في عمرك وجهدك وأن يرزقك النجاح في كل أمورك وتحقيق كل ما تتمني إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو المستعان لما فيه الخير وهو الهادي إلي سواء السبيل.