السؤال:
السلام عليكم…
بدون مقدمات مشكلتي أنني لا أملك شغف تجاه أي شيء ، فما البث أن ابدأ شيء حتى اتركه بسبب الملل ، فلا يوجد ما احبه او افضل ، لديٓ جمود غير طبيعي ليس نحو الاشياء فقط بل ايضاً نحو الاشخاص – تجاه الاشياء جميعهاً كُل شيء عادي جداً ، جربت القراءه ، الكتابه ، الرسم ، الفلسفة ، الاداره ، الاعمال اليدوية ، مشاهده البرامج … و غيرها ، جربت كُل ما صُنف تحت هواية حتى تلك المغامرات الخطرة جربتها و لكن لم يجذبني كُل ما فات الا لساعات ، و لا استطيع انهاء مهمة واحد من شده الملل فأجد انني أنهي اجزاء من عده مهام و بعده فتره أهجر هذه المهمات و انتقل لمهمات جديده و الدافع الملل – جميع الاهداف في حياتي لمجرد انهاء الهدف و ليس لكونها وسيلة للوصول لرسالتي في حياتي ، لأن الرساله بحد ذاتها متغيرة ، و انا لا احب ان اكمل شيئاً بدون إخلاص حتى لو كان قليل الأهمية ، و هذا الاخلاص لن يتحقق الا بحبي له و هنا تكمن المشكله لآ احُب شيء !، حقيقة / اتمنى ان اضع بصمة في التاريخ لا اريد أن أعيش لمجرد العيش –
جزاكم الله خير.
الإجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بداية أشكر لكم ثقتكم فيما نقدم وحسن عرضكم لسؤالكم بوضوح وإيجاز ولعل تلك الحالة التي تشعرون بها قد صادفت الكثيرين غير أنهم سكتوا عنها وعاشوا حياتهم بتلك الرتابة ورضوا بالملل يغلف حياتهم بلا تغيير ولا تطوير والملل كما ورد عند الحكماء من الأخلاق المطبوعة في الإنسان غير أن ذلك لا يعني الإستسلام له أبدا وعلاج ذلك بتخطي الفعل في ذاته بالبحث وراء كل فعل حيث يوجد الباعث أو الهدف من وراء السلوك أو الفعل والهدف العام للحياة التي هي الرسالة من وراء الحياة كلها ولعلكم تدركون ذلك وقد أشرتم الي طرف منه عند حديثكم عن الهدف كوسيلة للرسالة ولكني أُشير إلي أن الرسالة لا تتغير بسهولة واذا أحسنتم الوصول والتسجيل والصياغة للرسالة فقد لا تحتاجون لتغييرها طوال أعوام ولذا أنصحكم بإعادة صياغة الرسالة بما يجعلها أكثر استقرارا وثباتاً.
والحياة الناجحة الممتعة تبدأ بالإتصال القوي بالله تبارك وتعالي وأساس السعادة يكمن في الإقبال علي الله تعالي وإستمداد العون والطاقة منه سبحانه وتلك أول خطوة تعزز الشخصية وتحقق النجاح فمع الصلاة ينضبط اليوم ويتهيأ البدن وينشط ومع القرآن تنبني العقلية الواعية وتكتسب الحكمة المعجزة ومع الأذكار يُصرف الشيطان وتهتدي النفس وتتنزل رحمات وفيوضات وأرزاق الله تعالي وهكذا الصيام والقيام وسائر الطاعات فأكثرو من الدعاء أن يرزقكم الله النجاح والسعادة.
وإذا كنتم تبحثون عن الشغف فأقوي شغف يحققه المرء في حياته شغفه حين يحقق أحلامه والتي هي رسالته في الحياة وأقوي الرسائل ما كانت تجمع بين رغبات وطموحات الدنيا والقيم الاخلاقية التي تربحنا الجنة ورضا الله في الأخرة ولكل رسالة مجموعة أهداف واضحة ومؤقتة ومن هنا ينتقل الإنسان من أداء ما هو مفروض عليه أو حتي متاح له إلي ما يريد أدائه ويسعي إليه وقد يقابلنا الملل في تنفيذ أهدافنا ووسائلنا المختلفة ولكن ما يجعلنا نتخطي ذلك هو الإبداع في أداء الوسيلة لإزالة الملل فمثلا قد تكون القراءة لمدة طويلة مملة فنقلل المدة ونُحسن اختيار المكان المميز للقراءة والمناخ المشجع وفوق ذلك نستعين بالتلخيص والتسجيل المستمر للجمل المميزة وهذا كله مما يزيل الملل وكذا الإستماع إلي الكتاب مسجلا قد يساعد في تخطي الملل وعلي هذا نجدد شكل الأداء في كل الأعمال حتي الرتيب والمعتاد منها وهناك مقولة مشهورة لنابليون هيل – كاتب ومفكر غربي – تقول ” إذا لم تستطع فعل أشياء عظيمة ، افعل أشياء صغيرة بطرق عظيمة ” والمقصود أن العبرة ليست بعظم الأعمال أو كبرها في عيون الناس ولكن بعظمة أداءنا لهذه الأعمال وتحقيقنا للسعادة بها وقد نجدها في طعام وإن رخُص أو سفر وإن قصُر أو صحبة وإن قلت وهكذا تكون النظرة الإيجابية التي يحتاجها المرء في كل حياته ونبينا الكريم أرشدنا بقوله : ( تفاؤلوا بالخير تجدوه ) وربنا علمنا من قبل في الحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء ) فليكن ظنكم بالله خيرا ونظرتكم للحياة إيجابية متفائلة.
كما أنصحكم بقراءة كتاب كيف تخطط لحياتك للدكتور صلاح الراشد أو مفاتيح النجاح العشرة للدكتورابراهيم الفقي وهما من الكتب المتميزة في صياغة الأهداف وإدارة الحياة بصورة مثالية وهو ما نأمل أن تحققوه وأن تكون لكم بصمة في الحياة ولا يكون عيشكم مجرد عيش ولكن حياة حقيقية ناجحة.