البطالة (قراءة في تقرير الأمم المتحدة للتنمية المستدامة)

أكتوبر 12, 20230

بقلم حمزة صالح

مستشار التوجيه المهني والتطوير المؤسسي

وقع أنطونيو غوتيريش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة تقرير المنظمة الأممية الجديد والذي حوى مجموعة كبيرة من الأرقام الهامة والصادمة، وبتتبع التقرير واستعراض نتائجه في مجالات التنمية المستدامة بأهدافها السبعة عشر، نجد عشرات النقاط التي تتماس مباشرة بمشكلة البطالة وتضع لنا خارطة طريق لفهمها ومنها نرسم طريقاً للتعامل الصحيح معها، بداية هذه بعض النقاط التي استخرجتها من التقرير والتي ستكون مدخلنا لشرح ما
نقصده، وأهم النقاط التي استوقفتني بالتقرير هي: *
 تعرض الانتاج الصناعي العالمي لانخفاض بنسبة 6.8% خلال عام 2020.
 بلغت نسبة النمو 4% في المنتجات التقنية المتوسطة والعالية، وذلك مقارنة بين الربع الأخير من عام 2020 % بالمقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
 كان عام 2020 عاماً كارثياً بالنسبة لقطاع السفر والسياحة حيث بلغت نسبة الانخفاض في عدد المسافرين جواً من 4.5 بليون في عام 2019 إلى 1.8 بليون في عام 2020، كما توقع التقرير أن السياحة الدولية لن تستطيع العودة إلى مستوياتها في عام 2019 إلا بعد مضي فترة ثمكن أن تصل إلى أربع سنوات.
 أدت الجائحة إلى فقدان ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، أي حوالي أربعة أضعاف عدد الوظائف التي فُقدت خلال الأزمة المالية العالمية (2007-2009).
 بسبب الجائحة تضرر 1.6 بليون من العاملين في الاقتصاد غير الرسمي، الذين يفتقدون لشبكة أمان اجتماعي.
 في عام 2020 تم تسجيل 4186 حالة وفاة واختفاء على طُرق الهجرة في جميع أنحاء العالم.
 أدت الجائحة في عام 2020 لأول ارتفاع في مستوى الفقر المُدقع منذ جيل كامل حيث دُفع بحولي 124 مليون شخص إضافي إلى براثن الفقر المدقع.

من المهم بداية أن أؤكد على أن لغة الأرقام هي أبلغ اللغات وأكثرها مصداقية، وإلا فإن هناك طرق عديدة للتناول المتحيز أو الموجه للواقع وتستطيع أن تظهره على خلاف حقيقته، هناك ثلاث أمور لفتت انتباهي وتحتاج للتوضيح:
 الامر الاول ضرورة الانتباه لتلك الأرقام الصادمة والتي تبدي هو مدى الضرر الذي تعرض له الاقتصاد العالمي بصوره المختلفة كقطاع التصنيع وقطاع الانتاج وقطاع السياحة وقطاع النقل، ولكن على التوازي من ذلك برزت نسبة نمو كبيرة في قطاع التقنية المتوسطة والعالية، وفي ذلك إشارة لطبيعة تطور الأسواق وبالتالي تنوع السلع وهو ما يؤكد على أهمية المرونة في التشغيل والتوظيف وتطوير خطوط الانتاج، بل وحتى اختيار المهن التي لا تتأثر، بل قد تستفيد من حدوث الجوائح اقتصادياً.
الأمر الثاني هو عدد من تضرروا بصورة مباشرة، وبالتالي تحول أعداد ضخمة منهم لفئة العاطلين عن العمل رغم امتلاكهم القدرة والكفاءة؛ وليتحقق فيهم وصف البطالة، وبالتالي يؤدي ذلك “مع أسباب أخرى”، لزيادة مُطردة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين وما ينتج عن ذلك من تسجيل حالات الوفاة والاختفاء التي ذكرناها نقلاً عن التقرير.
وهنا لابد من الإشارة لأهمية تفعيل مواثيق المسؤولية الاجتماعية بالمؤسسات المختلفة، جدير بالذكر أننا وجدنا خلال الجائحة عدد كبير من المديرين، بل والشركات التي تمسكت بعمالها، بل وحسنت من أوضاعهم؛ إيماناً منها بأن البطالة خراب للأفراد والمجتمعات وقناعة منها بأن العنصر البشري هو رأس مال الشركة والمؤسسة الأساسي، والذي يجب الحفاظ عليه وتطويره بدلاً من فصله من العمل وإلحاقه بفئة العاطلين عن العمل.
الأمر الثالث وهي خلاصة هذه القراءة السريعة؛ الانتباه لمدى ما أحدثته الجائحة من تحولات اقتصادية على كافة المستويات، حيث من الواجب احداث التوازن مع تلك التحولات؛ عبر فهم مختلف ونظرة جديدة تتحول بنا من مربع التوصيف إلى درجة من درجات التحليل الحكيم، وبالتالي وضع الحلول المناسبة وتنفيذها، والتحول من النظرة السلبية الخائفة إلى نظرة إيجابية متفاعلة؛ فقطاعات مثل “التجارة الإلكترونية، تطوير البرامج، شركات التوزيع طعام وخلافه، فضلاً عن قطاع انتاج الدواء واللقاحات ومعامل التحليل ومختبرات الفيروسات، وتطوير نظم وبرامج التواصل التعليمي” وصلت إلى أرباح غير مسبوقة وتأثرت ايجابياً بالأزمة.
شركة زووم مثالاً
يكفي أن نعرض هنا لشركة واحدة “شركة زووم”، والتي تضاعف صافي ربحها من 27.03 مليون دولار إلى 227.3 مليون دولار بمعنى أن الشركة قد تضاعف ربحها أكثر من 7 مرات والأعجب أن تلك المضاعفة حدثت فقط في الربع الأول من العام الحالي 2021 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2020.

*تقرير أهداف التنمية المستدامة 2021

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *

العنوانالمقر الرئيسي
قطر - الدوحة - منطقة اللقطة
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي