امتلاك الرؤية ومواجهة الإدمان

فبراير 12, 20230

نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، تلك القاعدة من أهم القواعد في إدارة الذات وفلسفة العلاقات وبالتالي بناء العادات وتوجيه الميول، والحديث الجاد في بناء الشخصية ومواجهة المشكلات بمختلف صورها وفي القلب منها الإدمان بمختلف صوره؛ تدفعنا للوقوف على حقيقة ما يمتلكه شبابنا من أهداف وطموحات وما يشغل وقتهم ويملأ يومهم وحياتهم.

دراسة جامعة هارفارد

في دراسة لجامعة هارفارد عبر استبانة لعدد من طلاب الجامعة عن أهدافهم، وجدت الدراسة أن مجموع من يملكون أهداف بين الطلاب المستبانة أرائهم لا تتعدى نسبتهم 3% وهذا النسبة على صغرها إلا أنها النسبة الحقيقية والتي ربما تصغر لأقل من ذلك في عالمنا العربي.
الرؤية اختصاراً هي تحديد ما يتمنى أن يرى المرء نفسه عليه، شاملة معاني النجاح المادي والمعنوي في مختلف المجالات، وشرط النجاح تحويل الرؤية لأهداف محققة، والهدف هو أمر يرغب المرء في تحقيقه، وشروطه أن يكون واضحاً وقابلاً للقياس وممكن من النفس و واقعي وأن يرتبط بزمن، أما الاكتفاء بالتمني والحلم فقط لا يصنع نجاحاً ولا يحقق خيراً، يقولون تأتي الأشياء على قدر سعيك لها، لا رغبتك فيها؛ وهذا الأمر ينطبق على الناس بمختلف مستوياتهم والمؤسسات بكل أنواعها.
امتلاك رؤية وهدف للحياة أمر هام جداً ومؤثر في حياة الشباب؛ يجعلهم يديمون الصلاح والنجاح، وكذلك يستطيعون مواجهة المشكلات والتغلب عليها، الغريب أن هناك عديد من الشباب الذي يعلم هذا المعنى لكنه لا ينشغل بوضع أحلامه قيد التخطيط والتنفيذ والمتابعة.

مثال حي من تاريخنا

من أشهر الأمثلة لتحصيل التغيير في الحياة عطفاً على مسألة إمتلاك رؤية وهدف للحياة؛ الطفل محمد بن مراد الذي أًصبح بعد ذلك السلطان محمد الفاتح، والذي ذكرت المراجع أنه في صغره كان شديد الترفيه دائم العبث مع معلميه لا يسمع ولا يستجيب، حتى عهد والده به إلى الشيخ أق شمس الدين، الذي علمه الشريعة ولقنه القرآن، وكان من بين الأحاديث التي ركز عليها الشيخ في تعليم الشاب محمد حديث فتح القسطنطينة “لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ”، وقد كان لهذا الحديث أعظم الأثر في حياة الأمير محمد الفاتح قبل أن يتولى الخلافة، حيث تبنى الأمير الشاب تلك الرؤية وحلم بأن يكون أمير ذلك الجيش المبارك، وأتبع تلك الرؤية بخطة طويلة المدى شملت جوانب عديدة ليس أقلها امتلاكه لكل فنون القتال وامتلاكه القدرة على الحديث بسبع لغات، فضلاً عن خطة حربية محكمة، وقد تحقق على يديه بفضل امتلاكه لتلك الرؤية؛ الفتح المبين والفوز العظيم، ونال بشارة النبي صلى الله عليه وسلم وصار لقبه الفاتح منذ ذلك التاريخ.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *

العنوانالمقر الرئيسي
قطر - الدوحة - منطقة اللقطة
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي